تأثير الحرب على قطاع الزيتون في غزة ... خسائر وأضرار متعددة الأبعاد 2024

2024-09-19

date_range

 

مقدمة  
يمثل موسم الزيتون في قطاع غزة أحد الأعمدة الأساسية للاقتصاد الوطني ومصدرًا هامًا للعيش والثقافة بالنسبة للفلسطينيين. ومع ذلك، فإن الحرب الأخيرة على غزة تسببت في خسائر جسيمة لهذا القطاع الحيوي، حيث لم تقف آثارها على الجوانب الاقتصادية فقط، بل امتدت لتشمل الأبعاد الاجتماعية، والصحية، والثقافية، وحتى الهوية الوطنية. يعكس هذا التقرير التأثيرات المتعددة للحرب على موسم قطف الزيتون في غزة، من خلال تقديم تحليل شامل للأضرار والخسائر في مختلف المجالات.

**الأهمية الاقتصادية والاجتماعية لقطاع الزيتون:**  
يُعد قطاع الزيتون أحد أهم مكونات الاقتصاد الزراعي الفلسطيني، حيث يسهم بنسبة تصل إلى 14% من الناتج المحلي الإجمالي الزراعي. يمتد هذا القطاع على مساحة تقارب 75,000 هكتار في فلسطين، منها حوالي 44,000 دونم في قطاع غزة، مع ما يقارب 35,000 دونم مزروعة بأشجار الزيتون المثمر. ويوفر هذا القطاع فرص عمل لآلاف العائلات، ويعتبر زيت الزيتون الفلسطيني من بين الأفضل عالميًا بفضل جودته العالية وطريقة إنتاجه التقليدية.

يمثل موسم الزيتون في غزة ليس فقط فرصة اقتصادية للمزارعين وأسرهم، بل رمزًا للهوية الثقافية والموروث الاجتماعي. يجمع موسم الزيتون بين العرس الفلسطيني والعمل الجماعي، ويعزز من الروابط الاجتماعية والعائلية في المجتمع الفلسطيني فهو محصول أسري.

**التأثيرات الاقتصادية:**  
1. **تدمير البنية التحتية الزراعية:**  
تعرضت آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية المزروعة بأشجار الزيتون للقصف والتجريف، مما أدى إلى تدمير شبه كامل للمحاصيل والبنية التحتية الزراعية، بما في ذلك أنظمة الري والمعدات الزراعية. هذا التدمير الشامل أثر بشكل مباشر على الإنتاجية الزراعية للمزارعين، وأدى إلى تقليص كبير في كميات الزيتون المنتجة.

2. **انخفاض الدخل والإيرادات:**  
تسبب انخفاض الإنتاج إلى نحو 20,000 طن فقط بدلاً من المتوقع (35,000 طن) في خسائر مالية كبيرة للمزارعين. حيث إن الزيتون وزيت الزيتون يشكلان مصدر دخل رئيسيًا للمزارعين وأسرهم، وقد أثر هذا الانخفاض في الإنتاج بشكل كبير على قدرتهم على تلبية احتياجاتهم الأساسية للاستمرار في العملية الإنتاجية وتدهور سبل عيشهم. كما أن توقف عمليات التسويق الخارجي لزيت الزيتون أدى إلى خسائر اقتصادية إضافية، حيث انخفضت العائدات المالية من هذا القطاع بنسبة تصل إلى 40%.

3. **ارتفاع معدلات البطالة:**  
توقف النشاط الزراعي في المساحة الأكبر من المناطق الزراعية وتحديدًا المناطق الشرقية من قطاع غزة مما تسبب في تذبذب سوق العمل وانخفاض فرص العمل في الزراعة وفي الصناعات القائمة عليه مثل العصر والتعبئة والتغليف، مما زاد من معدلات البطالة بين العاملين في هذا القطاع الحيوي.

**التأثيرات الاجتماعية:**  
1. **تدهور النسيج الاجتماعي:**  
ألحق تدمير قطاع الزيتون أضرارًا بالغة بالنسيج الاجتماعي الفلسطيني. فقد أثرت الخسائر الاقتصادية على القدرة على الاحتفالات والمناسبات الاجتماعية المرتبطة بموسم الزيتون التي تعزز الروح الجماعية والشعور بالتضامن الأسري، كما أن تدمير القطاع أثر على العلاقات بين الأسر والمجتمعات المحلية، حيث كان موسم الزيتون يُعتبر مناسبة لتعزيز الروابط الاجتماعية والتعاون بين العائلات.

2. **زيادة الضغوط النفسية والاجتماعية:**  
تسبب تدمير المحاصيل وفقدان مصادر الدخل في ضغوط نفسية واجتماعية كبيرة على المزارعين وأسرهم، وارتفعت معدلات القلق وعدم الشعور بالأمان بين الأفراد نتيجة لفقدان الأمل في تحسين مستوى معيشتهم وتحقيق أهدافهم الشخصية والاجتماعية المرتبطة بموسم الزيتون. كما أن فقدان القدرة على توفير الاحتياجات الأساسية في ظل حالة النزوح المتكرر والمستمر مثل الغذاء والتعليم والرعاية الصحية أدى إلى تدهور الحالة النفسية والاجتماعية للسكان.

**التأثيرات الصحية:**  
1. **تفاقم أزمة الأمن الغذائي:**  
يعد زيت الزيتون مكونًا أساسيًا في النظام الغذائي الفلسطيني، ونقصه يشكل تهديدًا كبيرًا للأمن الغذائي في غزة، وأثر تراجع الإنتاج على القدرة على توفير زيت الزيتون في الأسواق المحلية، مما أدى إلى ارتفاع أسعاره وصعوبة حصول الأسر النازحة والمنعدم مصدر دخلها. ويتسبب النقص في هذا المكون الغذائي الأساسي في تراجع الحالة الصحية العامة للسكان، وزيادة معدلات الأمراض المرتبطة بنقص العناصر الغذائية الأساسية وتحديدًا للنساء والأطفال وكبار السن والذين فقدوا قدرتهم على توفير الغذاء الصحي والمتكامل نتيجة لحالة النزوح المتكرر.

2. **زيادة معدلات الأمراض:**  
تدمير الأراضي الزراعية ونقص الموارد الغذائية أثر بشكل مباشر على الحالة الصحية للأسر النازحة، حيث أدى إلى زيادة معدلات الأمراض المرتبطة بسوء التغذية مثل نقص الفيتامينات والمعادن، كما أن فقدان الدخل أدى إلى صعوبة في الوصول إلى الرعاية الصحية اللازمة، مما زاد من تفاقم الأوضاع الصحية.

3. **تأثيرات نفسية حادة:**  
الأزمات الاقتصادية والاجتماعية الناتجة عن الحرب أدت إلى زيادة معدلات التوتر والقلق بين المزارعين وأسرهم، مما أثر سلبًا على الصحة النفسية. وفقدان المحاصيل ومصادر الدخل الأساسية زاد من الضغوط النفسية، وأدى إلى زيادة حالات الاكتئاب والاضطرابات النفسية الأخرى.

**التأثيرات الثقافية:**  
1. **تهديد الهوية الثقافية:**  
يُعتبر الزيتون رمزًا للهوية الفلسطينية وعمقها الثقافي، وتدمير الأشجار وتجريف الأراضي الزراعية لم يكن مجرد خسارة اقتصادية، بل يمثل اعتداءً على الهوية الثقافية للفلسطينيين. الزيتون جزء لا يتجزأ من الموروث الثقافي والتراث الزراعي في فلسطين، وتدميره يهدد هذا الموروث الغني.

2. **فقدان التقاليد والممارسات الاجتماعية:**  
تدمير موسم الزيتون أثر سلبًا على التقاليد والممارسات الاجتماعية المرتبطة به، مثل الاحتفالات الجماعية والأغاني الشعبية التي تُغنى أثناء جني المحصول. هذا الفقدان للممارسات التقليدية يعكس حالة الإحباط واليأس التي يعيشها المزارعون، ويهدد استمرار هذه التقاليد التي تعكس هوية الشعب الفلسطيني.

**التوصيات والإجراءات المقترحة لإعادة التأهيل:  
تعزيز التعاون الدولي والمحلي لدعم غزة**  
1. **الضغط من أجل وقف الحرب:**  
تعزيز الشراكات مع المنظمات الدولية والمحلية للضغط على المجتمع الدولي لإيقاف الحرب على غزة وحماية الأراضي الزراعية.

2. **إعادة تأهيل قطاع الزيتون:**  
إنشاء شراكات مع منظمات دولية لدعم جهود إعادة تأهيل قطاع الزيتون والقطاعات الزراعية المختلفة.

3. **تنفيذ برامج عاجلة:**  
إطلاق برامج عاجلة لإعادة زراعة الأشجار المتضررة.

4. **إعادة تأهيل البنية التحتية الزراعية:**  
- الضغط على الجهات الدولية لإعادة تأهيل البنية التحتية الزراعية المتضررة.  
- إصلاح أنظمة الري وتحسين طرق الوصول إلى المزارع.  
- إعادة بناء المرافق الزراعية لضمان استدامة الإنتاج.

**خطوات تنفيذية مقترحة:**  
- الضغط من أجل العمل على التسويق المحلي والدولي للمنتجات الزراعية لضمان دخل مستدام للمزارعين.  
- مبادرات تطوعية: تشجيع المبادرات التطوعية للمساعدة في زراعة الأشجار وإعادة التأهيل.

**توصيات لإيقاف الحرب على غزة وتعزيز الاستقرار الزراعي:**  
1. **تحشيد الدعم الدولي:**  
تشكيل تحالفات مع منظمات دولية مثل الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان للضغط من أجل إيقاف الحرب وتطبيق قرارات السلام.

2. **حملات توعية عالمية:**  
إطلاق حملات توعية إعلامية حول آثار الحرب على غزة، مع التركيز على الأضرار الزراعية والإنسانية، لجذب اهتمام الرأي العام الدولي.

3. **تأمين المساعدات الإنسانية:**  
الضغط على المجتمع الدولي لضمان إيصال الدعم الزراعي العاجل للمزارعين.

4. **استراتيجيات إعادة بناء القطاع الزراعي:**  
وضع خطط واضحة لإعادة بناء القطاع الزراعي كجزء من أي اتفاق سلام مستقبلي، لضمان استدامة سبل العيش وتحسين الأمن الغذائي.

5. **تقديم الدعم الفني للمزارعين:**  
توفير برامج تدريب للمزارعين تركز على التقنيات الزراعية المستدامة لتعزيز الإنتاجية بعد الحرب.

6. **المراقبة الدولية:**  
دعوة المجتمع الدولي لتوفير مراقبة مستقلة لضمان عدم تدمير البنية التحتية الزراعية وحماية المزارعين.

خاتمة  
تعد الأضرار التي لحقت بقطاع الزيتون في غزة نتيجة الحرب الأخيرة خسائر ذات أبعاد متعددة، تمتد لتشمل الاقتصاد، والمجتمع، والص